عملية سيندور- التقنية الصينية وتغير موازين القوى في جنوب آسيا

المؤلف: أسامة يماني09.14.2025
عملية سيندور- التقنية الصينية وتغير موازين القوى في جنوب آسيا

شهدت العلاقات الهندية الباكستانية توترات جمة ونزاعات مسلحة متكررة منذ استقلالهما عن التاج البريطاني عام 1947. تجسدت هذه الخلافات في سلسلة من الحروب الصارخة، أبرزها ثلاث حروب كبرى تلت حرب كشمير الأولى التي دارت رحاها بين عامي 1947 و1948. هذه الحروب الثلاث هي: حرب كشمير الثانية عام 1965، وحرب تحرير بنغلاديش أو حرب عام 1971، وأخيراً حرب مايو 2025 التي اندلعت في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي طال كشمير الهندية، والذي أطلق عليه الجانب الهندي اسم «عملية سيندور».

أفادت صحيفة التلغراف البريطانية في مقال لها حول الحرب الأخيرة تحت عنوان: "كيف ساعدت الصين باكستان في إسقاط الطائرات المقاتلة الهندية"، أنه بناءً على وثائق مسربة وتحليلات عسكرية معمقة، قامت الصين بتزويد باكستان بنظام رادار فائق التطور ومعلومات استخباراتية دقيقة تم جمعها من أقمارها الصناعية، مما مكن القوات الجوية الباكستانية من تتبع الطائرات الهندية بدقة متناهية. كما قدمت بكين أنظمة تشويش إلكتروني متطورة أدت إلى تعطيل اتصالات الطائرات الهندية، مما سهل مهمة اعتراضها.

وكشفت وكالات استخبارات غربية أن التعاون العسكري الصيني الباكستاني يتجاوز مجرد تبادل الأسلحة التقليدية، ليشمل نقل تكنولوجيا متطورة للغاية مثل أنظمة الحرب الإلكترونية المتقدمة، الأمر الذي يثير مخاوف جمة بشأن سباق تسلح محتمل في منطقة جنوب آسيا الحساسة.

وبالنظر إلى الحقائق والأحداث المتاحة، يتضح أن باكستان قد منيت بخسارتين متتاليتين في حروبها مع الهند، حيث فقدت في إحدى هذه الحروب ما كان يعرف بباكستان الشرقية، والتي أصبحت فيما بعد دولة بنغلاديش المستقلة.

تبرز هذه الحرب بوضوح مدى فعالية الأسلحة والتكنولوجيا الصينية في ساحة المعركة الحقيقية. ومن بين النتائج المباشرة لهذه الحرب هو التغير الملحوظ في موازين القوى في منطقة جنوب آسيا، مما دفع وزارة الخارجية الهندية إلى اتهام الصين بـ "التورط في تقويض الاستقرار الإقليمي وزعزعة أمن المنطقة". كما أكدت عملية سيندور على الأهمية الحاسمة للتفوق التكنولوجي في الحروب الحديثة، حيث كشفت العملية أن التقنيات الصينية المتطورة، بما في ذلك الرادارات وأنظمة التشويش والاستخبارات الفضائية، قد غيرت بشكل جذري موازين القوى.

أثبتت الأحداث أن الحرب الإلكترونية أصبحت عاملاً مصيرياً يفوق أحياناً التفوق العددي، وأكثر أهمية من مجرد تسريع برامج تحديث الأساطيل الجوية. كما كشفت الأحداث عن خطورة التحالفات العسكرية غير المعلنة، وأظهرت كيف يمكن لدولة ثالثة، مثل الصين، أن تغير نتائج الصراع بشكل كبير دون تدخل عسكري مباشر، مما يعمق التحالف الصيني الباكستاني الذي يتجاوز العلاقات الدبلوماسية التقليدية ليشمل تبادل التقنيات الحساسة والمتطورة.

من الدروس الهامة التي يجب على الدول الصغيرة والمتوسطة أن توليها اهتماماً بالغاً وتأخذها في الاعتبار هو ضرورة تنويع مصادر التسلح، على غرار ما فعلته باكستان من خلال التوازن بين المصادر الصينية والأمريكية، بالإضافة إلى ضرورة تطوير أنظمة دفاع جوي متكاملة وقادرة على مواجهة التهديدات الحديثة، وأيضاً الاستثمار المكثف في الحرب السيبرانية والإلكترونية.

عملية سيندور لم تكن مجرد مواجهة جوية عابرة، بل كانت بمثابة نقطة تحول مفصلية في فهم طبيعة الحروب الحديثة، والدور المتزايد للتقنية في تغيير موازين القوى، وتعقيدات التحالفات في القرن الحادي والعشرين. هذه الدروس القيمة تفرض على جميع الدول، وخاصة تلك الواقعة في المناطق المضطربة، إعادة تقييم شاملة لجوانب متعددة، بما في ذلك:

1- استراتيجياتها الدفاعية.

2- تحالفاتها العسكرية.

3- استثماراتها في البحث والتطوير العسكري.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة